خالد الجنفاوي: العقلية الجمبازية مشكلة

صعب علي شخصياً التعامل مع العقلية المشوشة ذات الميول المتفاوتة بسبب عدم قدرتي على التنبؤ بما ستقرره في اللحظة التالية. فالشخص الذي يحمل في جمجمته عقلية متضاربة ومتفاوتة الأفكار والنوايا عصي على التفسير المنطقي. وأكثر ما يعاني مع هكذا عقليات شديدة القسوة والتراخي في آن واحد هم أولئك الهادئون الذين يحاولون إتباع المنطق والتفكير العملي والعقلاني. فمن تعود على استيعاب ما يجري حوله عن طريق تفسيرات عقلانية يربط خلالها الأسباب مع نتائجها المتوقعة يصعب عليه التعامل مع العقلية المشوشة لأنها تحمل ميولاً فكرية تبدو متعارضة تجمع بين الأبيض والأسود, ومزاجية التفكير, وتوقع اللامتوقع, فما يحرك هذا النوع من العقليات المتناقضة هو أنانيتها واضطرابها الذهاني المستمر وتفاوت أفكارها وأطرها التفكيرية. فلا يوجد توازن منطقي بين طريقة تفكير الذهن المشوش والمضطرب وبين ما هو من المفترض أن يحدث في الحياة اليومية. فيمكن أن يأتي هذا النوع من الأشخاص بتصرفات تناقض وبشكل فج ما تطلقه ألسنتهم. فليس بالضرورة أن ترتبط الفكرة واللفظ والتصرف اللاحق في هكذا عقليات جمبازية.
العقلية الجمبازية مضطربة التفكير باختيارها. فهي متفاوتة الأفكار وليس بالضرورة أن تكون فصامية مريضة. بل ثمة نوع معين من العقليات الجمبازية تحمل نفس عوارض الفصام ولكن بشكل طوعي. أي أن هذا النوع من الأشخاص يفعل ما يفعل بحرية مطلقة وبتعمد أناني وشخصاني. فهو أناني حتى النخاع يتحين الفرصة للانقضاض على الآخرين ترافقه سلوكياته وتصرفاته اللامنطقية. بمعنى آخر, العقلية الأنانية والمتفاوتة ذهانية بشكل طوعي بقصد فبركة الواقع وبهدف التلاعب الشخصاني بحقائق الحياة اليومية لتتواءم مع المصالح الموقتة.
وبالطبع لا يمكن تفسيره كهذا عقليات غريبة الأطوار سوى بالشخصية السيكوباتية والتي يسعدك أحياناً ما يطلقه لسانه ويصدمك بشدة ما يأتيه من تصرفات لا عقلانية. العقلية الجمبازية والمضطربة تجمع الصدق والكذب معاً, والوفاء والجحود معاً, والتسامح المفبرك والعدوانية الشرسة في آن واحد.
Extra:
جُمْبَازِيْ: صفة تطلق على الشخص المكار الذي يتصف بالكذب وأكل أموال الناس بالباطل والضحك على الذقون مدعياً أنه من المصلحين, وعندما يتبع الشخص هذه الصفة يقال له (إشْلِك بها الجُمْبِزه والعياره) ويقال عنه أن فلان (يِتْجَمْبِزْ على الناس)-(من كلمات أهل الديرة- أيوب الايوب-143 ).
* كاتب كويتي

khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.